يشهد العالم وبشكل مستمر تطورات متلاحقة وسريعة أثرت في بيئة الأعمال ووضع المنظمات، حيث تطلب منها أن تتواكب في أدائها مع ما تفرضه هذه المتغيرات من متطلبات، فلم يعد البقاء في السوق للمنظمات الأصلح فقط، بل للمنظمات المحققة للتميز والتي تتسم بالمقدرة التنافسية.
وارتكازاً إلى الدور الذي تضطلع به القيادات التنفيذية في المنظمات وتحملها القدر الأكبر من المسؤولية في تخطيط سياسات العمل وصناعة القرارات والتي يتوقف عليها نجاح المنظمة في تحقيق أهدافها؛ فإن الأمر يتطلب نبذ التقاليد الإدارية الموروثة التي لا تعتمد على الفكر الإداري المتطور ، ولا تتلاءم مع التطورات التقنية المتسارعة، والبدء في الاهتمام بتجديد وتنمية مهارات هذه القيادات ودعمها بالمنهجية العلمية المستجدة في الفكر الإداري، والتجارب الناجحة للممارسات القيادية التطبيقية، وفق نماذج التميز المؤسسي المعمول بها عالميًا ومحليًا، بما يمكنها من تملك الرؤية الواضحة لاحتياجات البيئة المتغيرة وتوفير وسائل ابتكاريه وإدارة تنموية مستدامة لزيادة الإنتاجية والتوجه نحو الأداء المؤسسي المتميز.
أهمية القيادة المتميزة في المنظمات
موضوع القيادة هو من الموضوعات ذات الأهمية في مسار الأمم والشعوب، نظرا لما يلعبه القائد من دور مؤثر في التأثير على الأفراد من أجل تحقيق الأهداف المشتركة للبيئة التي يتواجد فيها، والذي ترتكز أهميته إلى ما يلي:
ü القيادات التنفيذية في المنظمات هي المحور الأساسي في عملها ومساراتها، وهي التي تتحمل القدر الأكبر من المسؤولية، فعلى عاتق هذه القيادات تقع مسؤولية صياغة الاستراتيجيات المستقبلية وتحديد الرؤية واستشراف وجه المستقبل، وتخطيط سياسات العمل وصناعة القرارات والتي يتوقف علي سلامتها نجاح المنظمة في تحقيق أهدافها.
ü القيادة التنفيذية هي حلقة الوصل بين العاملين في المنشأة وبين خططها الموضوعة لتحقيق أهدافها وتنفيذ أنشطتها، وبمهاراتها تستطيع التوصل إلى الاستخدام الأمثل للقدرات المتاحة بالمنظمة من أجل تحقيق هذه الأهداف.
ü القيادة التنفيذية ومع توافر السمات الشخصية السلوكية تتمكن من السيطرة على مشكلات العمل وحلها وحسم الخلافات والترجيح بين الآراء.
ü القيادة يقع عليها الدور الرئيسي في تطوير القدرات القائمة في المنظمة لمواكبة المتغيرات المستجدة وتحقيق إيجابية الأداء المؤسسي.
ü القيادات التنفيذية يقع عليها عاتق تطبيق منجزات العصر العلمية والتقنية والإدارية للاستفادة منها في تطوير العمل وتنمية قدرات العاملين في المنظمة.
أنت كقائد … كيف تعرف أن على المسار الصحيح؟
تتلخص إجابة هذا السؤال، في عرض وتوضيح لأهم وأبرز سمات القائد التنفيذي الناجح:
§ الاهتمام بالبعدين الإنساني والعملي: بالعناية باحتياجات العملاء الأساسيين، وتوفير الرعاية للعاملين بالمنشأة وحفزهم لتحقيق معدل الأداء والإنتاج المستهدف.
§ القدرة على الاستخدام الأمثل لإمكانات المنظمة: من خلال المعرفة الكاملة بهذه الإمكانات المتوافرة في الموارد المادية والبشرية القائمة في المنظمة، والعلاقات مع البيئة المحيطة.
§ العمل بروح الفريق دون تسلط: بحيث يشكل هذا التوجه محور سياساته وتفكيره، فيقوم بتكوين فرق عمل لدراسة الموضوعات ووضع التوصيات المناسبة للتعامل بها والأخذ بها.
§ الاهتمام بالتجديد والتغيير : وإحداث النقلة المناسبة من أجل التطوير والتحسين المستمر، وتهيئة بيئة العمل وتنمية مهارات العاملين لمواكبة المتغيرات والمستجدات.
§ الاعتماد على المعلومات والحقائق: حيث يعتمد على معطيات تكنولوجيا المعرفة، مع الوثوق من دفة معلوماتها، ويضع الخطط والسياسات ويتخذ القرارات بناءَ عليها.
§ السعي نحو التميز: من خلال بحث التوصل لمخرجات أكثر جودة، ونشر ثقافة الابتكار والإبداع بين العاملين، والوعي بقدرات المنافسين، وتنمية العلاقات مع البيئة الخارجية واستثمارها لصالح المنظمة.
في العقود الماضية كان يشار إلى أن المنظمات الضعيفة ستجد صعوبة شديدة لدخول سوق الأعمال، وإذا تمكنت من الدخول فإنها لن تتمكن من مواصلة البقاء، أما على ضوء المعطيات الحالية وما تشهده السوق من تنافسية، فمن المتوقع أن لا يكون مكان للسوق إلا للمنظمات المتميزة، والتي تعي بأن إحراز النجاح ليس مجرد هدف تسعى إليه بل منهج متكامل يجب تبنيه لإحراز التميز.
وهذا يتطلب أن تهتم القيادات التنفيذية بوضع برامج لتحسين الأداء المؤسسي تحقق ما يلي:
• خدمات ومنتجات متميزة تلبي احتياجات وتطلعات عملائها.
• استخدام أمثل للموارد والإمكانات المتاحة.
• ضبط للمصروفات وزيادة في الإيرادات.
• موارد بشرية ذات كفاءة في الأداء وتميز في السلوك الوظيفي.
• توفير سمات الحيوية والمرونة والتجديد والاستمرارية في التحسين.
• أداء فعال للمسؤولية الاجتماعية تجاه المجتمع.
هدفت هذه المدونة إلى تحديد الدوافع التي تحتم التوجه لتطوير مهارات القيادات التنفيذية في المنظمات، والتعريف بالمهارات التطويرية اللازمة لنجاح القيادات التنفيذية، وإيضاح مداخل تحقيق التميز في الأداء المؤسسي للمنظمات والتي أثبتت نجاحها التجارب التطبيقية.
وفي هذا الصدد، فإننا نوصي بضرورة الاهتمام بتنمية مهارات القيادات التنفيذية والأخذ في الاعتبار استمرارية تدريبها ورفع قدراتها، والتأكيد على أهمية أخذ القيادات التنفيذية بمنهجية التخطيط الاستراتيجي “والتي سبق وأشرنا لها في مدونتنا الأولى” من أجل تحسين الأداء المؤسسي بتحديد دقيق للأهداف الاستراتيجية للمنظمة وربطها بتقدير متكامل للبرامج المطلوبة لتنفيذها.